تُعد السياحة في لبنان أحد أهم مصادر الدخل في خزينة الدولة، حيث كانت منذ القدم وحتى الوقت الحالي تُشكل دعامة للاقتصاد الوطني وتؤمن فرص عمل للعديد من الناس. كان يُنظر إلى لبنان، قبل الحرب الأهلية، على أنه "سويسرا الشرق"، حيث كان يستقطب رؤوس الأموال والأعمال الأجنبية والعديد من السائحين الذين يرغبون بالتعرّف على ثقافة وعادات سكان شرق البحر المتوسط.
إن طبيعة لبنان وتنوعه الثقافي والتاريخي كنتيجة للحضارات المختلفة التي مرت عليه تجعله مقصدا بارزا للسائحين الأجانب. فالبلاد تضم عددا من المعالم والنشاطات التي تهم فئات مختلفة من الناس: فهناك العديد من الآثار الإغريقية والرومانية الباقية، الحصون والقلاع العربية والبيزنطية والصليبية، الكهوف الكلسيّة، الكنائس والمساجد التاريخية، الشطآن الرملية والصخرية، الملاهي والمرابع الليلية، منتجعات التزلج الجبلية، بالإضافة للمطبخ اللبناني المشهور عالميّا.
هناك العديد من الاستثمارات الخاصة التي أخذت تطفو إلى السطح حاليّا في هذا القطاع الآخذ بالتنامي، كما عادت إلى البلاد الكثير من شركات الفنادق العالمية بعد أن غادرته عند بداية الحرب الأهلية. أعيد افتتاح "كازينو لبنان" عام 1996، الذي كان يُشكل مقصدا رئيسيّا للسوّاح خلال عقد الستينات من القرن العشرين. يُعتبر لبنان الدولة الوحيدة في العالم العربي التي يمكن قصدها في الشتاء لممارسة التزلج وغيره من الرياضات الشتوية، حيث تمّ توسيع وتجديد أكبر منتجع للتزلج في البلاد ليتسع للمزيد من الأشخاص وليؤمن لهم خدمات أفضل. يقول المسؤولين أنه بعودة السلام والاستقرار إلى لبنان، فإن القطاع السياحي سوف يعود مجددا ليكون أهم مصادر الدخل للحكومة اللبنانية. يعتمد قطاع السياحة اللبناني أيضا على العدد الكبير من المهاجرين اللبنانيين الذين يعودون في كل سنة إلى وطنهم الأم خلال موسم الصيف ليُمضوه بين أهلهم وأصدقائهم.
السياحة الثقافية
يُعتبر لبنان من أغنى البلدان ثقافيّا، إذ أنه يجمع عددا من المعالم الشرقية والغربية، من المستوطنات البشرية التي تعود للعصر الحجري، إلى المدن والدويلات الفينيقية، المعابد الرومانية إلى المناسك المحفورة في الجبال، ومن القلاع الصليبية إلى المساجد المملوكية والحمامات العامة العثمانية. وبهذا فإن البعض يقول أن لبنان هو "فسيفساء تجمع بين العالم الغربي والشرقي" و"موسوعة لحضارات العالم القديم الحديثة والقديمة".[2]
يُعد تاريخ السياحة الثقافية قديم جدا في لبنان، إذ أن الكثير من المستشرقين، العلماء، والشعراء الأوروبيين زاروا البلاد لاهتمامهم بالثقافة والعادات اللبنانية الشرقية، ومن أبرزهم: ألفونس دي لامارتين، إرنست رينان، وفيكتور غورين،[3][4] وهؤلاء أتى معظمهم في القرن التاسع عشر ليتعرف عن كثب على المعالم التاريخية، مواقع الآثار، الملابس التقليدية، الاحتفالات الدينية، أو للحج إلى بعض الأماكن المقدسة والمقامات. وخلّف البعض منهم بعد زيارته بعض اللوحات الفنية والمذكرات اليومية.
[عدل]السياحة الآثارية
إن تاريخ علم الآثار في لبنان قديم للغاية، إذ أنه يعود لعهد المتصرفية، حيث كان المتصرف "واصه باشا" (1883-1893) أول من اهتم من الحكّام بالتنقيب عن الآثار.[5] تمّ الكشف عن العديد من المواقع الأثرية في لبنان خلال العهود الماضية وحتى اليوم، وأعيد ترميم البعض منها الذي تضرر خلال الحرب الأهلية، إلا أن الكثير من المواقع الأخرى لا يزال يقبع تحت المدن والقرى المأهولة التي بُنيت على أنقاضها منذ القدم.[6]
_________________________
المتاحف
في لبنان ثلاثة متاحف رئيسيّة:
متحف بيروت الوطني.
متحف بيروت الوطني: تأسس عام 1937، وهو يحوي قرابة 100,000 قطعة أثرية، تعود بمعظمها للعصور القديمة والوسطى، ومنها قرابة 1300 قطعة تعود لما بين عصور ما قبل التاريخ إلى عهد المماليك في العصور الوسطى.
متحف جبران: كان في الأساس ديرا في بلدة بشرّي، ثم تحوّل إلى متحف على يد "جمعية أصدقاء جبران"، تكريما للفيلسوف، الكاتب، الشاعر، الرسّام، واللاهوتي اللبناني الأميركي جبران خليل جبران. يحوي المتحف مذكرات جبران، أثاث منزله، مكتبته الخاصة، ولوحاته.[7]
متحف الجامعة الأميركية: يُعتبر هذا المتحف ثالث أقدم متحف في الشرق الأدنى، وهو يعرض عددا من القطع الأثرية التي تعود للعصر الحجري وصولا إلى العهد الإسلامي.[8]
ومن المتاحف المشهورة الأخرى:
متحف أمين الريحاني
متحف مصطفى فرّوخ
متحف ومكتبة كاثوليكوسية قيليقية
متحف بعلبك
متحف داهش للفنون
متحف التراث اللبناني
متحف روبير معوض الخاص
متحف جبيل للأحافير
قصر سرسق
متحف الشمع في جبيل
متحف ذاكرة الزمان
متحف الصابون في صيدا
-------------------------------
السياحة الدينية
الجامع العمري الكبير، أحد أقدم المساجد في بيروت ولبنان.
كنيسة القديس يوحنا المعمدان (مار يوحنا مرقس) في جبيل، بناها الصليبيون.
يقع لبنان على مفترق طرق بالنسبة لكل من أوروبا وآسيا وأفريقيا، وبالتالي فهو يقع في وسط العالمين الإسلامي العربي والمسيحي الأوروبي ويجمع بالتالي الثقافتين الدينيتين ويصهرهما في بوتقة ثقافية واحدة. ويظهر هذا الأمر بشكل جليّ في المعالم الإسلامية والمسيحية القديمة والتي لا تزال قائمة حتى اليوم، بالإضافة للعادات والتقاليد المشتركة بين تابعي الديانتين، والتي ما زالت بارزة حتى اليوم، وإن كانت حدتها تقل أو تزيد بحسب درجة الانفتاح على الغرب والاختلاط مع أتباع الديانة الأخرى. كان لبنان ملجأ للعديد من الطوائف الدينية المضطهدة عبر العصور، مما أضاف عليه إرثا دينيّا متزايدا ومتراكما خلال قرون عديدة تجلّى بعدد من المقامات والمزارات المسيحية والإسلامية.[9]
تقع أبرز المعالم الإسلامية في لبنان، المتمثلة بعدد من المساجد، المكتبات والمدارس، والحمامات العامّة، ببلدة عنجر، التي أسسها الأمويون في القرن الثامن، ومدن بيروت، طرابلس، وصيدا. أما المعالم المسيحية فتقع أكثرها في جبيل، جونية، بيروت، بكركي، وعدد من المناطق في جبل لبنان والجنوب. كذلك هناك معالم دينية خاصة بالطائفة الدرزية دون سواها، تقع أغلبيتها في الشوف.
[عدل]مواقع التراث العالمي
هناك أربعة مواقع تراث عالمي في لبنان تتراوح من المدن إلى المناطق الطبيعية، وهذه المواقع هي:[10]
[عدل]عنجر
مقال تفصيلي :عنجر
أنقاض مدينة عنجر، وتبدو إحدى البوابات رباعية القواعد في خلفية الصورة.
وُضعت بلدة عنجر على لائحة مواقع التراث العالمية عام 1984. شُيّدت هذه المدينة منذ 1,300 سنة، وبهذا فهي تُعد من أحدث المواقع الأثرية في لبنان،[11] وقد بُنيت في الأساس لتكون مركزا تجاريّا على طرق التجارة الشاميّة،[12] بأمر من الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، واسمها مشتق من "عين جرّه"، أي أصل أو منشأ جرّه، والأخير كان حصنا أمويّا مبنيّا في نفس المنطقة.[12][13] تصطف المساجد، القصور، الحمامات العامة، المخازن، والمنازل، على طول جادات المدينة الواسعة. تغطي آثار وخرائب المدينة مساحة 114,000 متر مربع، ويحيط بها جدران حجرية ضخمة تبلغ سماكتها المترين وتعلوا سبعة أمتار عن الأرض. يستند تصميم المدينة المستطيلة الشكل إلى مخططات مدنية وهندسة رومانية، أما التصاميم الحجرية فمأخوذة عن البيزنطيين. تُقسم المدينة إلى أربعة أقسام عن طريق جادتين كبيرتين: الأولى يبلغ عرضها 20 مترا وتتجه من الشمال إلى الجنوب، والثانية من الشرق إلى الغرب. يقع مركز المدينة عند تقاطع الجادتين، وهناك 4 بوابات ضخمة رباعية القواعد على كل زاوية من زوايا التقاطع الأربعة.[11]
[عدل]بعلبك
مقال تفصيلي :بعلبك
الأعمدة الستة الباقية من معبد جوبيتر.
معبد باخوس.
باحة معبد جوبيتر
كانت بعلبك خلال العهد الفينيقي مجرد بلدة صغيرة عُبد فيها ثالوث آلهة الخصوبة عند الشعوب الكنعانية، وهي بعل آمون، آنات، وحدد. بقي اليوم القليل جدا من الآثار الفينيقية في المدينة، التي قام الإغريق بتسميتها "مدينة الشمس" (باللاتينية: Heliopolis) خلال عهد الحكم الهليني، وأعاد الرومان بنائها وتصميمها لتأخذ طابعا رومانيّا بحتا. بعد أن وصل الرومان فينيقيا عام 64 ق.م. حتى قاموا بتحويل البلدة إلى مدينة كبيرة يُعبد فيها ثالوث آلهتهم الخاصة، أي جوبيتر، فينوس، ومركوريوس، وبنوا فيها المعابد الهائلة في غضون قرنين من الزمن.[14][15] يُمكن لزوّار بعلبك اليوم أن يدخلوا قلعتها عبر رواق أمامي فسيح، ثم يعبرون فنائين معمدين ليصلوا إلى مجمّع المعابد العظمى التي تشمل:
معبد جوبيتر: هذا المعبد هو أكبر المعابد الرومانية التي شُيّدت على الإطلاق، ولم يتبقى اليوم من أعمدته الكورنثية التي كانت تحمله سوى 6 أعمدة من أصل 54 عمودا. يصل ارتفاع كل عمود إلى 22 مترا (66 قدما) ويبلغ قطره المترين (7.5 أقدام)، مما يدل على مدى ضخامة المعبد عندما كان لا يزال قائما خلال عهد الإمبراطورية الرومانية.
معبد باخوس: هو أكثر المعابد الرومانية حفظا في الشرق الأوسط، ومع أنه أصغر حجما من معبد جوبيتر، إلا أنه لا يزال أضخم حجما من البارثينون في أثينا. لا يزال الهدف من وراء بناء هذا المعبد وصلته بباقي معابد المجمّع لغزا غامضا.
معبد فينوس: هذا المعبد أصغر حجما من المعبدين السابقين، وهو مقبب ويقع في الجهة الجنوبية الشرقية من المجمّع. تحوّل إلى كنيسة في العهد البيزنطي مخصصة لإجلال القديسة بربارة.
معبد مركوريوس: لم يتبق منه سوى بيت السلم، والذي يُمكن رؤيته من "تلّة الشيخ عبد الله"، على بعد مسافة قصيرة من الموقع الرئيسي للمعبد.[16]
وُضعت بعلبك من ضمن قائمة مواقع التراث العالمي عام 1984.[17]
[عدل]جبيل
مقال تفصيلي :جبيل
معبد المسلاّت.
مسجد جبيل.
ضُمّت جبيل إلى لائحة مواقع التراث العالمي عام 1984، وهي مدينة مأهولة منذ العصر الحجري الحديث، وقد شهدت تعاقب العديد من الشعوب والحضارات، من الفينيقيين والصليبيين وصولا إلى الأتراك العثمانيين. تعتبر جبيل مرفأ ومدينة متوسطية تاريخية، يعود تأسيسها لآلاف السنين، وغالبا ما يتم ربطها بالأبجدية الفينيقية، حيث أنه من المعروف أن الفينيقيين نشروا أبجديتهم في أوروبا وحوض البحر المتوسط بدأ من هذه المدينة.[18]
من المعالم السياحية في جبيل:
المعابد الفينيقية: وهي تشمل المعبد الأكبر الذي يتخذ شكل الحرف "L"، معبد بعلة جُبلا أو بعلة جبيل، ومعبد المسلات.
قلعة جبيل: وهي قلعة بناها الصليبيون بالقرب من مرفأ المدينة في القرن الثاني عشر.
مسجد جبيل: أحد أقدم المساجد في لبنان.
سور المدينة: بقايا السور الذي كان يحيط بالمدينة في القرون الوسطى.
متحف الشمع: يضم متحف جبيل الشمعي تماثيل لعدد من الشخصيات والأعلام اللبنانيين مثل جبران خليل جبران، حسن كامل الصباح، قدموس، بشير الثاني الشهابي، أحيرام، فخر الدين المعني الثاني، محمد وأحمد المحمصاني، بشارة الخوري، وكثير غيرهم.
كنيسة القديس يوحنا المعمدان: كنيسة بناها الصليبيون عام 1150.
متحف جبيل للأحافير: متحف يضم مستحثات الأسماك والحشرات التي عُثر عليها في جبل لبنان، والتي تعود لملايين السنين، في الفترة التي كانت جبال لبنان لا تزال تقع تحت البحر.
الحارة القديمة والسوق: الحارة القديمة التي تُظهر كيف كان شكل الأحياء في جبيل خلال العهد العثماني، السوق الذي يُصنع فيه عدد من الحرفيّات ويُعرض فيه بعض البضائع والإنتاجات الفنية مثل اللوحات. يقعان بالقرب من المدخل إلى موقع المعابد الفينيقية.
[عدل]وادي قاديشا وغابة أرز الرب
مقال تفصيلي :وادي قاديشا
وادي قاديشا.
غابة أرز الرب في الشتاء.
وُضعت هاتين المنطقتين على لائحة مواقع التراث العالمي عام 1998. يُعتبر كل من وادي قاديشا وغابة أرز الرب ذو أهمية دينية وتاريخية كبرى، فالوادي كان موقعا استوطنه الرهبان المسيحيون الأوائل هربا من بطش الرومان الوثنيين، فبنوا الأديرة على جانبيه فكانت حصينة بوجه كل من حاول الوصول إلى هناك، إذ أن الوادي يقع في أرض وعرة جدا في الجزء الشمالي من سلسلة جبال لبنان الغربية. تقع غابة أرز الرب بالقرب من الوادي، وقد أصبحت اليوم محمية طبيعية مخصصة لإنقاذ ما تبقى من الأرز اللبناني، وتتجلى أهميتها التاريخية في أنها الغابة الأساسية التي قطع الفينيقيون أخشابها ليبنوا سفنهم ومعابدهم وليتاجروا بها مع المصريين والآشوريين.[19]
أما الأديرة في وادي قاديشا فهي:
دير قنوبين: وهو أقدم الأديرة المارونية في الوادي.
دير مار أنطونيوس قزحيا: تأسس في القرن الرابع على يد القديس هيلاريون.
دير سيدة حوقا: تأسس في أواخر القرن الثالث عشر على يد قرويون من قرية حوقا.
دير القديسين سركيس وباخوس – رأس النهر: بني على درجات تباعا في القرن الثامن، 1198، و1690.
دير مار ﺃليشع: يأوي رهبانية مارونية ورهبانية كرمليّة.
من الأديرة الأخرى في الوادي: دير مار جرجس ودير مار يوحنا ودير مار أبون ومنسك مار سركيس ودير مار مورا، إهدن.
[عدل]صور
مقال تفصيلي :صور
صف من الأعمدة في صور، يُعتقد بأنها بقايا الحلبة التي كان يتدرّب بها المصارعون والجنود.
وُضعت مدينة صور على لائحة مواقع التراث العالمي عام 1984. كانت هذه المدينة إحدى أهم المدن الفينيقية إن لم تكن أهمها، حيث أنشأ أبناؤها مستعمرات فاقت المدينة الأم شهرة ومجدا في حوض البحر المتوسط، من شاكلة قرطاج وقادس، وهي منشأ الصباغ الأرجواني المعروف باسم "أرجوان صور". مرّت العديد من الحضارات على المدينة واستقر فيها الكثير من الشعوب، من الفينيقين، الإغريق الرومان، إلى الصليبيين والعثمانيين الأتراك. بقي اليوم عدد من الآثار البارزة في المدينة، والتي تعود بأغلبها إلى العهد الروماني.[20]
من المواقع الأثرية المهمة في المدينة:[21]
موقع الباس: وفيه قوس نصر فسيح، مدافن واسعة، ومدرّج كبير كان يُخصص لسباق الأحصنة والعربات. تعود كل هذه الآثار إلى الفترة الممتدة بين القرنين الثاني والسادس.
موقع المدينة: يقع في صور البحرية، أي الجزء الحالي من المدينة الذي كان مبنيّا على جزيرة، قبل أن يوصلها الإسكندر الأكبر بالمدينة البريّة. وهو يحوي عدد من صفوف الأعمدة، الحمامات العامّة، اللوحات الفسيفسائية، الشوارع، مجموعة كبيرة من المنازل، وساحة مستطيلة الشكل.
إن طبيعة لبنان وتنوعه الثقافي والتاريخي كنتيجة للحضارات المختلفة التي مرت عليه تجعله مقصدا بارزا للسائحين الأجانب. فالبلاد تضم عددا من المعالم والنشاطات التي تهم فئات مختلفة من الناس: فهناك العديد من الآثار الإغريقية والرومانية الباقية، الحصون والقلاع العربية والبيزنطية والصليبية، الكهوف الكلسيّة، الكنائس والمساجد التاريخية، الشطآن الرملية والصخرية، الملاهي والمرابع الليلية، منتجعات التزلج الجبلية، بالإضافة للمطبخ اللبناني المشهور عالميّا.
هناك العديد من الاستثمارات الخاصة التي أخذت تطفو إلى السطح حاليّا في هذا القطاع الآخذ بالتنامي، كما عادت إلى البلاد الكثير من شركات الفنادق العالمية بعد أن غادرته عند بداية الحرب الأهلية. أعيد افتتاح "كازينو لبنان" عام 1996، الذي كان يُشكل مقصدا رئيسيّا للسوّاح خلال عقد الستينات من القرن العشرين. يُعتبر لبنان الدولة الوحيدة في العالم العربي التي يمكن قصدها في الشتاء لممارسة التزلج وغيره من الرياضات الشتوية، حيث تمّ توسيع وتجديد أكبر منتجع للتزلج في البلاد ليتسع للمزيد من الأشخاص وليؤمن لهم خدمات أفضل. يقول المسؤولين أنه بعودة السلام والاستقرار إلى لبنان، فإن القطاع السياحي سوف يعود مجددا ليكون أهم مصادر الدخل للحكومة اللبنانية. يعتمد قطاع السياحة اللبناني أيضا على العدد الكبير من المهاجرين اللبنانيين الذين يعودون في كل سنة إلى وطنهم الأم خلال موسم الصيف ليُمضوه بين أهلهم وأصدقائهم.
السياحة الثقافية
يُعتبر لبنان من أغنى البلدان ثقافيّا، إذ أنه يجمع عددا من المعالم الشرقية والغربية، من المستوطنات البشرية التي تعود للعصر الحجري، إلى المدن والدويلات الفينيقية، المعابد الرومانية إلى المناسك المحفورة في الجبال، ومن القلاع الصليبية إلى المساجد المملوكية والحمامات العامة العثمانية. وبهذا فإن البعض يقول أن لبنان هو "فسيفساء تجمع بين العالم الغربي والشرقي" و"موسوعة لحضارات العالم القديم الحديثة والقديمة".[2]
يُعد تاريخ السياحة الثقافية قديم جدا في لبنان، إذ أن الكثير من المستشرقين، العلماء، والشعراء الأوروبيين زاروا البلاد لاهتمامهم بالثقافة والعادات اللبنانية الشرقية، ومن أبرزهم: ألفونس دي لامارتين، إرنست رينان، وفيكتور غورين،[3][4] وهؤلاء أتى معظمهم في القرن التاسع عشر ليتعرف عن كثب على المعالم التاريخية، مواقع الآثار، الملابس التقليدية، الاحتفالات الدينية، أو للحج إلى بعض الأماكن المقدسة والمقامات. وخلّف البعض منهم بعد زيارته بعض اللوحات الفنية والمذكرات اليومية.
[عدل]السياحة الآثارية
إن تاريخ علم الآثار في لبنان قديم للغاية، إذ أنه يعود لعهد المتصرفية، حيث كان المتصرف "واصه باشا" (1883-1893) أول من اهتم من الحكّام بالتنقيب عن الآثار.[5] تمّ الكشف عن العديد من المواقع الأثرية في لبنان خلال العهود الماضية وحتى اليوم، وأعيد ترميم البعض منها الذي تضرر خلال الحرب الأهلية، إلا أن الكثير من المواقع الأخرى لا يزال يقبع تحت المدن والقرى المأهولة التي بُنيت على أنقاضها منذ القدم.[6]
_________________________
المتاحف
في لبنان ثلاثة متاحف رئيسيّة:
متحف بيروت الوطني.
متحف بيروت الوطني: تأسس عام 1937، وهو يحوي قرابة 100,000 قطعة أثرية، تعود بمعظمها للعصور القديمة والوسطى، ومنها قرابة 1300 قطعة تعود لما بين عصور ما قبل التاريخ إلى عهد المماليك في العصور الوسطى.
متحف جبران: كان في الأساس ديرا في بلدة بشرّي، ثم تحوّل إلى متحف على يد "جمعية أصدقاء جبران"، تكريما للفيلسوف، الكاتب، الشاعر، الرسّام، واللاهوتي اللبناني الأميركي جبران خليل جبران. يحوي المتحف مذكرات جبران، أثاث منزله، مكتبته الخاصة، ولوحاته.[7]
متحف الجامعة الأميركية: يُعتبر هذا المتحف ثالث أقدم متحف في الشرق الأدنى، وهو يعرض عددا من القطع الأثرية التي تعود للعصر الحجري وصولا إلى العهد الإسلامي.[8]
ومن المتاحف المشهورة الأخرى:
متحف أمين الريحاني
متحف مصطفى فرّوخ
متحف ومكتبة كاثوليكوسية قيليقية
متحف بعلبك
متحف داهش للفنون
متحف التراث اللبناني
متحف روبير معوض الخاص
متحف جبيل للأحافير
قصر سرسق
متحف الشمع في جبيل
متحف ذاكرة الزمان
متحف الصابون في صيدا
-------------------------------
السياحة الدينية
الجامع العمري الكبير، أحد أقدم المساجد في بيروت ولبنان.
كنيسة القديس يوحنا المعمدان (مار يوحنا مرقس) في جبيل، بناها الصليبيون.
يقع لبنان على مفترق طرق بالنسبة لكل من أوروبا وآسيا وأفريقيا، وبالتالي فهو يقع في وسط العالمين الإسلامي العربي والمسيحي الأوروبي ويجمع بالتالي الثقافتين الدينيتين ويصهرهما في بوتقة ثقافية واحدة. ويظهر هذا الأمر بشكل جليّ في المعالم الإسلامية والمسيحية القديمة والتي لا تزال قائمة حتى اليوم، بالإضافة للعادات والتقاليد المشتركة بين تابعي الديانتين، والتي ما زالت بارزة حتى اليوم، وإن كانت حدتها تقل أو تزيد بحسب درجة الانفتاح على الغرب والاختلاط مع أتباع الديانة الأخرى. كان لبنان ملجأ للعديد من الطوائف الدينية المضطهدة عبر العصور، مما أضاف عليه إرثا دينيّا متزايدا ومتراكما خلال قرون عديدة تجلّى بعدد من المقامات والمزارات المسيحية والإسلامية.[9]
تقع أبرز المعالم الإسلامية في لبنان، المتمثلة بعدد من المساجد، المكتبات والمدارس، والحمامات العامّة، ببلدة عنجر، التي أسسها الأمويون في القرن الثامن، ومدن بيروت، طرابلس، وصيدا. أما المعالم المسيحية فتقع أكثرها في جبيل، جونية، بيروت، بكركي، وعدد من المناطق في جبل لبنان والجنوب. كذلك هناك معالم دينية خاصة بالطائفة الدرزية دون سواها، تقع أغلبيتها في الشوف.
[عدل]مواقع التراث العالمي
هناك أربعة مواقع تراث عالمي في لبنان تتراوح من المدن إلى المناطق الطبيعية، وهذه المواقع هي:[10]
[عدل]عنجر
مقال تفصيلي :عنجر
أنقاض مدينة عنجر، وتبدو إحدى البوابات رباعية القواعد في خلفية الصورة.
وُضعت بلدة عنجر على لائحة مواقع التراث العالمية عام 1984. شُيّدت هذه المدينة منذ 1,300 سنة، وبهذا فهي تُعد من أحدث المواقع الأثرية في لبنان،[11] وقد بُنيت في الأساس لتكون مركزا تجاريّا على طرق التجارة الشاميّة،[12] بأمر من الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، واسمها مشتق من "عين جرّه"، أي أصل أو منشأ جرّه، والأخير كان حصنا أمويّا مبنيّا في نفس المنطقة.[12][13] تصطف المساجد، القصور، الحمامات العامة، المخازن، والمنازل، على طول جادات المدينة الواسعة. تغطي آثار وخرائب المدينة مساحة 114,000 متر مربع، ويحيط بها جدران حجرية ضخمة تبلغ سماكتها المترين وتعلوا سبعة أمتار عن الأرض. يستند تصميم المدينة المستطيلة الشكل إلى مخططات مدنية وهندسة رومانية، أما التصاميم الحجرية فمأخوذة عن البيزنطيين. تُقسم المدينة إلى أربعة أقسام عن طريق جادتين كبيرتين: الأولى يبلغ عرضها 20 مترا وتتجه من الشمال إلى الجنوب، والثانية من الشرق إلى الغرب. يقع مركز المدينة عند تقاطع الجادتين، وهناك 4 بوابات ضخمة رباعية القواعد على كل زاوية من زوايا التقاطع الأربعة.[11]
[عدل]بعلبك
مقال تفصيلي :بعلبك
الأعمدة الستة الباقية من معبد جوبيتر.
معبد باخوس.
باحة معبد جوبيتر
كانت بعلبك خلال العهد الفينيقي مجرد بلدة صغيرة عُبد فيها ثالوث آلهة الخصوبة عند الشعوب الكنعانية، وهي بعل آمون، آنات، وحدد. بقي اليوم القليل جدا من الآثار الفينيقية في المدينة، التي قام الإغريق بتسميتها "مدينة الشمس" (باللاتينية: Heliopolis) خلال عهد الحكم الهليني، وأعاد الرومان بنائها وتصميمها لتأخذ طابعا رومانيّا بحتا. بعد أن وصل الرومان فينيقيا عام 64 ق.م. حتى قاموا بتحويل البلدة إلى مدينة كبيرة يُعبد فيها ثالوث آلهتهم الخاصة، أي جوبيتر، فينوس، ومركوريوس، وبنوا فيها المعابد الهائلة في غضون قرنين من الزمن.[14][15] يُمكن لزوّار بعلبك اليوم أن يدخلوا قلعتها عبر رواق أمامي فسيح، ثم يعبرون فنائين معمدين ليصلوا إلى مجمّع المعابد العظمى التي تشمل:
معبد جوبيتر: هذا المعبد هو أكبر المعابد الرومانية التي شُيّدت على الإطلاق، ولم يتبقى اليوم من أعمدته الكورنثية التي كانت تحمله سوى 6 أعمدة من أصل 54 عمودا. يصل ارتفاع كل عمود إلى 22 مترا (66 قدما) ويبلغ قطره المترين (7.5 أقدام)، مما يدل على مدى ضخامة المعبد عندما كان لا يزال قائما خلال عهد الإمبراطورية الرومانية.
معبد باخوس: هو أكثر المعابد الرومانية حفظا في الشرق الأوسط، ومع أنه أصغر حجما من معبد جوبيتر، إلا أنه لا يزال أضخم حجما من البارثينون في أثينا. لا يزال الهدف من وراء بناء هذا المعبد وصلته بباقي معابد المجمّع لغزا غامضا.
معبد فينوس: هذا المعبد أصغر حجما من المعبدين السابقين، وهو مقبب ويقع في الجهة الجنوبية الشرقية من المجمّع. تحوّل إلى كنيسة في العهد البيزنطي مخصصة لإجلال القديسة بربارة.
معبد مركوريوس: لم يتبق منه سوى بيت السلم، والذي يُمكن رؤيته من "تلّة الشيخ عبد الله"، على بعد مسافة قصيرة من الموقع الرئيسي للمعبد.[16]
وُضعت بعلبك من ضمن قائمة مواقع التراث العالمي عام 1984.[17]
[عدل]جبيل
مقال تفصيلي :جبيل
معبد المسلاّت.
مسجد جبيل.
ضُمّت جبيل إلى لائحة مواقع التراث العالمي عام 1984، وهي مدينة مأهولة منذ العصر الحجري الحديث، وقد شهدت تعاقب العديد من الشعوب والحضارات، من الفينيقيين والصليبيين وصولا إلى الأتراك العثمانيين. تعتبر جبيل مرفأ ومدينة متوسطية تاريخية، يعود تأسيسها لآلاف السنين، وغالبا ما يتم ربطها بالأبجدية الفينيقية، حيث أنه من المعروف أن الفينيقيين نشروا أبجديتهم في أوروبا وحوض البحر المتوسط بدأ من هذه المدينة.[18]
من المعالم السياحية في جبيل:
المعابد الفينيقية: وهي تشمل المعبد الأكبر الذي يتخذ شكل الحرف "L"، معبد بعلة جُبلا أو بعلة جبيل، ومعبد المسلات.
قلعة جبيل: وهي قلعة بناها الصليبيون بالقرب من مرفأ المدينة في القرن الثاني عشر.
مسجد جبيل: أحد أقدم المساجد في لبنان.
سور المدينة: بقايا السور الذي كان يحيط بالمدينة في القرون الوسطى.
متحف الشمع: يضم متحف جبيل الشمعي تماثيل لعدد من الشخصيات والأعلام اللبنانيين مثل جبران خليل جبران، حسن كامل الصباح، قدموس، بشير الثاني الشهابي، أحيرام، فخر الدين المعني الثاني، محمد وأحمد المحمصاني، بشارة الخوري، وكثير غيرهم.
كنيسة القديس يوحنا المعمدان: كنيسة بناها الصليبيون عام 1150.
متحف جبيل للأحافير: متحف يضم مستحثات الأسماك والحشرات التي عُثر عليها في جبل لبنان، والتي تعود لملايين السنين، في الفترة التي كانت جبال لبنان لا تزال تقع تحت البحر.
الحارة القديمة والسوق: الحارة القديمة التي تُظهر كيف كان شكل الأحياء في جبيل خلال العهد العثماني، السوق الذي يُصنع فيه عدد من الحرفيّات ويُعرض فيه بعض البضائع والإنتاجات الفنية مثل اللوحات. يقعان بالقرب من المدخل إلى موقع المعابد الفينيقية.
[عدل]وادي قاديشا وغابة أرز الرب
مقال تفصيلي :وادي قاديشا
وادي قاديشا.
غابة أرز الرب في الشتاء.
وُضعت هاتين المنطقتين على لائحة مواقع التراث العالمي عام 1998. يُعتبر كل من وادي قاديشا وغابة أرز الرب ذو أهمية دينية وتاريخية كبرى، فالوادي كان موقعا استوطنه الرهبان المسيحيون الأوائل هربا من بطش الرومان الوثنيين، فبنوا الأديرة على جانبيه فكانت حصينة بوجه كل من حاول الوصول إلى هناك، إذ أن الوادي يقع في أرض وعرة جدا في الجزء الشمالي من سلسلة جبال لبنان الغربية. تقع غابة أرز الرب بالقرب من الوادي، وقد أصبحت اليوم محمية طبيعية مخصصة لإنقاذ ما تبقى من الأرز اللبناني، وتتجلى أهميتها التاريخية في أنها الغابة الأساسية التي قطع الفينيقيون أخشابها ليبنوا سفنهم ومعابدهم وليتاجروا بها مع المصريين والآشوريين.[19]
أما الأديرة في وادي قاديشا فهي:
دير قنوبين: وهو أقدم الأديرة المارونية في الوادي.
دير مار أنطونيوس قزحيا: تأسس في القرن الرابع على يد القديس هيلاريون.
دير سيدة حوقا: تأسس في أواخر القرن الثالث عشر على يد قرويون من قرية حوقا.
دير القديسين سركيس وباخوس – رأس النهر: بني على درجات تباعا في القرن الثامن، 1198، و1690.
دير مار ﺃليشع: يأوي رهبانية مارونية ورهبانية كرمليّة.
من الأديرة الأخرى في الوادي: دير مار جرجس ودير مار يوحنا ودير مار أبون ومنسك مار سركيس ودير مار مورا، إهدن.
[عدل]صور
مقال تفصيلي :صور
صف من الأعمدة في صور، يُعتقد بأنها بقايا الحلبة التي كان يتدرّب بها المصارعون والجنود.
وُضعت مدينة صور على لائحة مواقع التراث العالمي عام 1984. كانت هذه المدينة إحدى أهم المدن الفينيقية إن لم تكن أهمها، حيث أنشأ أبناؤها مستعمرات فاقت المدينة الأم شهرة ومجدا في حوض البحر المتوسط، من شاكلة قرطاج وقادس، وهي منشأ الصباغ الأرجواني المعروف باسم "أرجوان صور". مرّت العديد من الحضارات على المدينة واستقر فيها الكثير من الشعوب، من الفينيقين، الإغريق الرومان، إلى الصليبيين والعثمانيين الأتراك. بقي اليوم عدد من الآثار البارزة في المدينة، والتي تعود بأغلبها إلى العهد الروماني.[20]
من المواقع الأثرية المهمة في المدينة:[21]
موقع الباس: وفيه قوس نصر فسيح، مدافن واسعة، ومدرّج كبير كان يُخصص لسباق الأحصنة والعربات. تعود كل هذه الآثار إلى الفترة الممتدة بين القرنين الثاني والسادس.
موقع المدينة: يقع في صور البحرية، أي الجزء الحالي من المدينة الذي كان مبنيّا على جزيرة، قبل أن يوصلها الإسكندر الأكبر بالمدينة البريّة. وهو يحوي عدد من صفوف الأعمدة، الحمامات العامّة، اللوحات الفسيفسائية، الشوارع، مجموعة كبيرة من المنازل، وساحة مستطيلة الشكل.