هناك هدايا تقدرها المرأة وأخرى تثير غيظها. وهناك أزواج يعرفون هذه الحقيقة، وهناك من هم لاهون أو جاهلون لها، فيصرفون مبالغ باهظة من دون أن تثير هديتهم ردود الفعل، التي يتوقعونها ومن دون أن يفهموا سبب هذا الجحود.
ارتبطت علياء بخطيبها أشرف ارتباطا تقليديا بحتا، حيث ترشيح من بعض المعارف كصاحب وظيفة مرموقة في بنك أميركي في القاهرة، ذي سمعة جيدة وأخلاق حسنة. فترة من التردد والتفكير، ونصائح للأهل والصديقات، ثم بعض الراحة والقبول، فقرار الخطوبة.
هكذا عُلقت الزينات وعلت زغاريد الفرحة من دون معرفة دقيقة بسمات زوج المستقبل وخارطة طباعه. كانت علياء تدرك ذلك لكنها قطعت بأن فترة الخطوبة فترة للتجربة وترميم العيوب قدر المستطاع، خاصة مع امتلاكها قدرا هائلا من الفراسة النسائية، تمكنها من الترجمة الصحيحة لملامح شخصية من يتعامل معها، عبر تصرفات بسيطة تصدر عنه.
في أول زيارة لمنزلها عقب إعلان الخطوبة، كادت علياء تهدم المعبد، بعد اكتشافها هدايا زوج المستقبل. فعقب فتحها للأكياس تغير لون وجهها على الفور، وخصمت رصيدا هائلا من النقاط من صالحه.
تقول علياء: «في أول زيارة أهداني أشرف «دبدوبا» كبير الحجم، وإطارا للصور قيما للغاية، لكن ما أثار أعصابي أنهما ملفوفان بقماش واحد، وهذا يعني أنه دخل محلا واحدا واختار ما وجده أمامه، ولم يكلف نفسه مجرد التفكير في ما يعجبني. كما أن الإطار كان لصور الأطفال، وهو ما لا يتناسب معي على الإطلاق».
لم تتوقف عطايا أشرف الحارقة لأعصاب علياء، فبعد أسابيع على هفوة «الدبدوب» والإطار حل عيد ميلادها وفوجئت بساعة منزل ثمينة تقدم لها، ومعها ثلاثة قمصان من تصميم واحد وألوان مختلفة، ثم فوجئت أنهما بمقاسات متدرجة، وهذا يعني بحسب تفسيرها أنه لا يعرف مقاسها في الملابس، كما أن عملية الشراء لم تستغرق إلا دقائق. كما أبدت استياءها من الساعة المنزلية لأنها كانت تريد شيئا خاصا بها وليس للمنزل، ولولا أن الهدايا كانت غالية الثمن لفسرت تصرفه على الفور بالبخل، وأنه لا يريد للهدايا أن تكون فقط للذكرى بل تستعمل أيضا وتؤدي وظيفة في منزل الزوجية.
توالت بعد ذلك مفاجآت أشرف غير السعيدة، فبعد تلميح غير مباشر تجاه هداياه اتجه للمشغولات الذهبية، لكن المشكلة كانت في اختياراته التي لا تلائم ذوقها. بمرور الوقت اكتشفت علياء في خطيبها سمات طيبة، ليس من بينها على الإطلاق قدرته على إدهاشها بالهدايا، فهو خلوق ومثقف وكريم وهادئ الطباع، ولطيف المعشر، ومن هنا قررت أن تعقد معه اتفاقا تسجل بموجبه ما تريده من هدايا في المناسبات، لا تكلفه أي تفكير من جانبه. لكن رغم تقليل الاتفاق السابق لحجم الخسائر العاطفية إلا أنه حرم علياء ـ بحسب تعبيرها ـ من متعة المفاجأة، فهي تفضل الهدايا المجنونة وتحكي مرارا عن أزواج صديقاتها بإعجاب، فأحدهم أهدى زوجته ببغاء يردد الأغاني، وآخر فاجأ زوجته بكمية من الورود الحمراء مفروشا في كل أرجاء منزل الزوجية يوم عيد الحب، وواحد منهم أهداها مجموعة صناديق متدرجة الحجم داخل بعضها بعضا، وبعد فترة من فك ألغاز الصناديق اكتشفت بداخلها مفتاح سيارة جديدة، وتلك أمور كانت تتمنى أن تحدث معها مهما قلت قيمة الهدية المادية.
على عكس أشرف تهتم علياء كثيرا بتفاصيل الهدية، وتفكر مرارا قبل الشراء وفي الغالب تنجح بامتياز في خلق السعادة فيمن تهديه، وأسعد لحظاتها عندما ترى لهفة وسعادة طفل أحضرت له هدية أو تسمع جملة «أنا فعلا كنت أفكر في شرائها، متشكرة جدا»، لكن أتعس أوقاتها عندما تصادف استقبالا باردا لهديتها.
تزوجت علياء أشرف بعد شهور، وتعاملت مع فشله في الإهداء على أنه ابتلاء، مؤمنة بالمثل الشعبي القائل «الحلو ما يكملش»، خاصة أن القدر عوضها بمن يستطيع إدهاشها من وقت لآخر، وهو عمها الذي تفرض عليه طبيعة عمله السفر الدائم كل شهر، وعقب عودته عليها أن تسعد بهداياه التي تأخذ لبها.
إذا كانت الهدايا والجنون هما ما تصبو إليهما علياء الرومانسية فإن شيماء مندور، وهي باحثة للماجستير في الصحافة، وتتصف بالعملية، تكرهها تماما، فتقول:«أكره المفاجأة تماما، فلا بد لمن يهديني أن يتفهم ذوقي، فمثلا أميل إلى العطور ذات الرائحة الهادئة، فإذا أهداني شخص ما عطرا صارخا، أغضب بشدة وإن كانت مشاعري تجاهه لن تخرج إلى السطح، كما أن لي ذوقا بعينه في كل حاجياتي سواء هواتفي المحمولة أو الملبس، والمفاجأة قد تفسد ما أطمح إليه».
تعتبر شيماء الهدايا المجنونة نوعا من الفراغ العاطفي، وتتساءل: «إذا فرش الرجل لزوجته أرض المنزل بالورد فمن سيبذل مجهودا شاقا في تنظيفها؟، إنها الزوجة.. هل هي هدية أم عقوبة أشغال شاقة؟».
تؤمن شيماء بضرورة توخي الدقة عند اختيار هدايا مناسبات بعينها، فعيد الحب لا بد أن تلائمه هدية حمراء اللون حتى لو مجرد وردة، وعيد الزواج تناسبه زجاجة عطر دافئة، وعيد الأم تناسبه المشغولات الذهبية، وإذا لم يسير من يهديها وفق هذا القانون الصارم فإن انتقامها يتخذ شكلا غريبا، وهو إعادة إهداء تلك الهدايا للخادمة حتى لو كانت غالية الثمن ومن ماركات عالمية.
لهند الصاوي، وهي أخصائية علاقات عامة بشركة اتصالات، أيضا خطوط حمراء في الهدايا، فلا يمكن أن تقبل هدية لا تلائم درجة العلاقة بينها وبين الشخص الذي يهديها، فمن الممكن أن تقبل ملابس للنوم كهدية من زوجها لكنها ترفضها من صديقة. كما يثير أعصابها تلقيها هدية سبق إهداؤها، وقد مرت بذلك وقت دراستها عندما نسي زميل لها عبارة كتبت على غلاف الهدية باسم إحدى زميلاته، فاكتفت بابتسامة باردة تجاهه في اليوم الثاني ثم وضعته في القائمة السوداء.
أما نور روحي، وهي طالبة للأدب الإنجليزي فتكره ما أسمته «تلويث الهدية بالماديات»، وبالذات عندما يتعمد المُهدي تقديم هدية غالية وتعمد ترك سعرها عليها. فهي ترى أن الهدية الرمزية أكثر أثرا في النفس من الغالية، خصوصا عندما تكون مقدمة من القلب، ولذلك تعتز كثيرا بصورة رسمها لها زوجها بالفحم عند رسام محترف، وتعتبرها الأجمل في خزانة ذكرياتها.
يؤمن كثير من النساء أن الهدايا مثلما تشعل نيران الحب وتقرب القلوب فإن نيرانها قد تخفف من توهجه لو ذهبت في الاتجاه الخاطئ، وعلى صاحبها حينها أن يستعد لضربة قد تطيح بكل آماله، أو ينظر تدخل القدر مثلما فعل أشرف مع علياء.
* أما إذا كنت في حالة مزاجية عالية، وتريد فعلا أن تخلف وقعاً قوياً، فعليك بهذه الحقيبة «الجوهرة» من المصمم ستيفان رولان، فهي من باكورة أعماله في مجال الإكسسوارات، التي دخلها بقوة أخيراً، بعد أن حفر مكانته لسنوات في مجال «الهوت كوتير». لهذا كان مهماً بالنسبة له أن تتضمن كل حقيبة فلسفته عن الترف والفخامة. والنتيجة أنها جاءت مصنوعة باليد ومن جلود طبيعية نادرة، مثل هذه الحقيبة، التي تعتبر واحدة من مجموعته الخاصة بالنهار باسم «تاليثا» على اسم العارضة الراحلة وفتاة المجتمع تاليثا غيتي، التي كانت أيضا ملهمة الراحل إيف سان لوران في السبعينات. الحقيبة باللون البني من جلد التمساح والذهب الأصفر بقيراط 18. رغم أنك ستجد ثمنها باهظاً، إلا أنك هنا لن تهديها قطعة موضة أنيقة وحسب، بل قطعة كلاسيكية لمدى العمر.
* لن ننصحك بإهدائها حذاء حتى ولو كان من كريستيان لوبوتان، لأن العملية ستكون جد معقدة لا محالة، لكن بإمكانك إهداؤها شيئاً مماثلا لهذه العلبة من حلويات المكرون الفرنسية الشهيرة، التي تجسد مجموعة أحذية رسمها لوبوتان بنفسه. فقد تعاون هذا الأخير مع شركة «لاديري» المتخصصة في حلويات المكرون الشهيرة وأبدع هذه العلبة لتكون غذاء للعين والروح قبل أن تكون غذاء للبطن.
* إذا كانت النية من الهدية مجوهرات يمكن الاستفادة منها باستعمالها للنهار وللمساء على حد سواء، فأنت حتماً لن تخطئ إن أهديتها أي قطعة من مجموعة «ماجيك الحمرا» الجديدة، التي طرحتها دار فان كليف أند أربلز أخيراً. فالحمرا، كما تعرف أي أنيقة مستوحاة من المجموعة الكلاسيكية على شكل البرسيم ذي الأوراق الأربع، أما الجديد هنا فإنها تأتي بحجرين هما عين النمر والعقيق الأحمر القاني. هناك أربع قطع يمكن الاختيار منها، قلادة طويلة يمكن أن تستعملها مع فستان كوكتيل أو مع كنزة من الكشمير أو قميص مفتوح في الأيام العادية، قلادة مع حلية متدلية، سوار وقرطان