بين الزوجين الإعتذار يحطم الأسوار
-------------------------
كثيرا ما يأخذنا الكبرياء والغرور ولا نملك القدرة على أن نرى أنفسنا مخطئين ، اعتقادا منا أن الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه دليل ضعف مما يباعد بيننا وبين الآخرين وقد تتجمد العلاقات وتنقطع جسور التواصل معهم لأننا لم نبادر بكلمة صادقة للاعتذار.
إن جملة "أنا آسف" غالبا ما تصفي الأجواء وتفتح الأبواب أمام التسامح والتواصل ، وتمنح فرصة للبدء من جديد، كما أنها تجلب الثقة والأمانة والتواضع وهذه من أجمل الصفات التي يمكن أن يتشاركها الناس.
وإذا كان الاعتذار يعد مطلبا لدوام أية علاقة فما بالنا بالعلاقات الزوجية التي تنمو وتقوى بالمودة والرحمة والتسامح فعلى كلا الزوجين ألا يقف لصاحبه بالمرصاد ليتصيد أخطاءه ، ومن ثم يدبر له ليرد الخطأ بخطأ أكبر ، ويظل كلاهما يدور في دائرة من الأخطاء انتظارا لاعتذار شريكه المكابر ، وقد لا يسوؤه ارتكاب شريكه للخطأ بقدر ما يسوؤه عدم اعتذاره عنه !!
كثير من المشكلات الزوجية تبدأ بمكابرة أحد الزوجين - لا سيما الزوج - والامتناع عن الاعتذار لشريكه عندما يغضبه فأغلب الرجال يقاومون الاعتذار ولا يحبون الاعتراف بالخطأ ، إذ يعتبرون لحظة الاعتذار من أصعب اللحظات في حياتهم . وهذا ما يؤكده الدكتور كود وول المتخصص في العلاقات الزوجية بقوله : معظم الرجال يشعرون بأن قدراً كبيراً من هيبتهم سيضيع إذا قدموا اعتذاراً أو اعترفوا بخطأ .. فالمخطئ لابد أن يكون هو الخاسر ، والرجال يكرهون الخسارة .
وهناك نموذج آخر من الأزواج يستعجلون الاعتذار حتى لو لم يُطلب منهم ، ليس لأنهم يشعرون بوجوب الاعتذار عن أخطاء وقعوا فيها ولكن لينهوا الشجار والجدال بأسرع ما يمكن ، وكان يمكن اعتبار هؤلاء علي درجة كبيرة من الحكمة لو أنهم استطاعوا إخفاء هذا السبب .. إلا أن ما يدعو للأسف والآسي أنهم يحرصون علي إظهاره !
يقول د.سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية : إن الاعتذار مطلوب ومن يخطئ لا بد أن يعتذر فليس هناك مكابرة وإلا فإن الشخص الذي يرفض الاعتذار يصبح بغيضاً في نظر الآخرين.. والاعتذار سلوك حضاري بين الناس عامة والزوجين خاصة. فالزوج الذي يخطئ عليه أن يسعى بدافع من شعوره الراقي أمام زوجته بالاعتذار، والذي يرفض الاعتذار لزوجته لأن كرامته ورجولته لا تسمحان بذلك، فإن يعتبر مريضاً نفسياً.. فالكرامة الفعلية السامية هي أن نعتذر إذا أخطأنا.
أما الدكتور يسرى عبد المحسن أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس فيقول أن تعاليمنا الدينية تدفعنا للاعتذار، والله عز وجل يقبل التوبة من عبادة والاستغفار معنى ذلك أن الإنسان إذا أخطأ في حياته الدنيوية عليه أن يتراجع عن خطئه وباب الاعتذار مفتوح. والاعتذار ليس عيباً بقدر ما يعنى شجاعة المعتذر وقوته وتمتعه بشخصية سوية متكاملة، ومعرفته حدود نفسه وشعوره بالآخرين.
و يؤكد الخبير الاجتماعي الدكتور أحمد المجدوب أن الرجولة تحتم على الزوج أن يعتذر إذا أخطأ فى حق زوجته أو أي شخص آخر، فالرجولة تعنى الصدق والشهامة. وعندما يعتذر الرجل فإنه لا يسقط من عين زوجته أو يهون أمره عليها، بل ترتفع قيمته في نظرها ويعلمها درساً في الأمانة والشهامة واحترام الذات. والاعتذار ليس ضعفاّ بل الضعف أن تخفى خطأك وتظل تكابر، أما الرجل الذي يثق بنفسه ويحترم ذاته فإنه لا يجد غضاضة في أن يعتذر ووقتها سوف يصبح قدوة لزوجته.
فإن كنتما تعتقدان أن عزة النفس والكرامة لا تسمح بالمبادرة وتقديم الاعتذار فإن هناك طرقا غير مباشرة تساعدكما على ذلك :
· عندما يترك أحدكما شريكه غاضبا، لا يرجع إلى البيت من دون هدية ولتكن وردة تعبر عما يجيش في النفس .
· يمكن كتابة عبارة اعتذار على قالب من الكيك وتقديمه مع الشاي في المساء .
· النزهات تجدد الروح والحياة وتبعد العصبية والروتين والملل.
· إن كان لا بد من العتاب.. فلينصت كلاكما للآخر ولا ضير إن قلت لشريكك "معك حق".
· استعيدا مواقف طريفة مضحكة حدثت معكما أو مع أحدكما منفرداً.. فالضحك وسيلة مهمة للتواصل العاطفى الإيجابى ومناسبة للتجديد وصفاء النفس والروح.
· تقبل الاعتذار بصدر رحب
يرفض الكثيرون تقديم الاعتذار خشية عدم إحسان القبول من الطرف الآخر ، الذي قد لا يعير الأمر اهتماما ، أو يرد متعاليا ببعض التعليقات التي تقلل من شأن الاعتذار ، وقد يفشل تماما في قبول الاعتذار !! ولا شك أن عدم المرونة أو القدرة على تقبل الاعتذار يزيد المشكلة تعقيدا إن لم يتسبب في مشكلات جديدة ، فالمخطئ سيصبح في المستقبل أقل مبادرة بالاعتذار ، وقد يتمادى في أخطائه لاستفزاز الطرف الآخر.
إن كلا من تقديم وقبول الاعتذار أجزاء مكملة لعلاقة جميلة وقوية ، فالاعتذار فرصة رائعة لتعميق الحب والمشاركة ، فعندما نقبل الاعتذار يكون هناك احتمال أكبر بأن يقبل شريك الحياة اعتذارنا عندما يأتي علينا الدور لنعتذر .